عيد النصر علي حافة النسيان!!
سقط من ذاكرة الشباب .. وأشياء أخري
اعترافات مثيرة للجمهور:
حاجة "زي 6 أكتوبر" .. تقرأها في أجندة العام الجديد
أساتذة الاجتماع:
غياب الوعي مشكلة خطيرة تهدد الانتماء
نعيش أزمة في مفهوم العيد القومي
تحقيق: أيمن عاشور
أعياد ومناسبات تاريخية تحمل ذكريات خالدة في نفوس الجميع.. ومعان عميقة ترسخت في الوجدان لا تغيب ولا تمحي مهما طال الزمان وتعاقبت أحداث.. ذكريات تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل ورأسه مرفوعة بالفخر والعزة والكرامة. في قائمة الأعياد يطل بعد أيام قلائل "عيد النصر" في الثالث والعشرين من ديسمبر من كل عام ومعه تتجدد ذكريات إدارة الكفاح و الصمود لشعب مصر علي أرض بورسعيد عام 1956 بكل الشجاعة والإقدام والتصدي لقوي الاستعمار ضد العدوان الثلاثي علي مصر..
الملحمة الرائعة التي سجلها التاريخ ويرويها الأجيال منذ خمسين عاما.. كثير من الشباب لا يعرف عنها شيئا سقطت من الذاكرة وصارت يوم أجازة بالنسبة له فقط.
"الجمهورية الأسبوعي".. استطلعت رأي رجل الشارع والشباب..ونقلت إجاباتهم بموضوعية تامة ..وحيادية مطلقة.
* بسمة هاني موظفة بأحد البنوك معرفش.. بس هو "زي" نصر أكتوبر كده.. وعلي ما أعتقد إنه يوم تاريخي أقرؤه في تقويم الأجندة كل عام.. وهو أجازة رسمية.. وكمان التليفزيون بيعرض فيه حاجات كثيرة جدا عن الحروب والانتصارات خلاله.
* علاء المكاوي محام انه يوم مشهود.. يوم أن حققت المقاومة الشعبية علي أرض بورسعيد العزة والفخر لكل المصريين حيث العدوان الثلاثي علي مصر ومنذ ذلك التاريخ 23 ديسمبر عام 1956 ونحن نحتفل به ومازلنا حتي الآن نتذكر فيه الكرامة ورفض الاحتلال والعدوان.
* أحمد صلاح إبراهيم صاحب محل هذا عيد النصر وذكري الفخر.. وعيد من أعياد مصر الكبيرة.. "اللي" بنحتفل به كل عام..هل هو عيد تحرير سيناء؟!!! اللي وقف جنودنا الأقوياء علي الجبل في أشد الحر.. حتي تعود إلينا أرضنا وانتصروا .. و"هم دول اللي بنفتخر بهم دايما" ونرفعهم فوق رءوسنا.
يوم الراحة
* سمير علي حسين طالب بتجارة عين شمس "والله الأعياد في مصر بقت كتير أوي".والواحد مش عارف يفرق بينها..ولكن عيد النصر لا يمكن لأحد أن ينساه أبدا لأنه يوم أجازة من الجامعة والرحمة من المواصلات وعذابها.. هذا اليوم هو يوم الاستقلال والتحرير لأرض سيناء من أيدي الاحتلال الإسرائيلية في أكتوبر عام 1973 وأصبح يوم النصر وعودة الأرض.
* محمود الدخميسي مدرس تاريخ بالثانوي العام العيد الذي نحتفل به في 23 ديسمبر من كل عام إنما هو تجسيد حي لإرادة الكفاح والصمود في شعب مصر دفاعا عن حريته ومبادئه ورمز للبذل والعطاء في سبيل السيطرة علي ثرواته ومقدراته وحرية إرادته وتسخيرها لتقدم هذا الوطن ورفاهية شعبه .. في هذا اليوم تصدي شعب مصر بكل الشجاعة والإقدام لقوي الاستعمار وهي تعتدي عليه بالسلاح وقدم من الشهداء والتضحيات ما أيقظ الضمير العالمي بصورة غير مسبوقة وصاغ شعب بورسعيد بصموده الرائع وبطولاته العديدة ونضاله المرير ملحمة رائعة يسجلها التاريخ وترويها الأجيال وامتدت هذه الملحمة إلي خارج الحدود حتي حقق النصر.. انه عيد النصر علي العدوان الثلاثي والمقاومة الشعبية علي أرض بورسعيد التي سجلها لنا التاريخ وتتوارثها الأجيال.
* صلاح عبد الرشيد أحمد محاسب بإحدي الشركات: عيد النصر يتم الاحتفال به في بورسعيد أساسا وهو ذكري انتصار القوات المصرية والشعب المصري والإرادة المصرية علي قوات العدوان الثلاثي البريطاني والفرنسي والإسرائيلي عام 1956 وذاقت قوات هذه الدول مرارة الهزيمة علي أرض بورسعيد.. وفي هذا اليوم تحررت أراضي مصر من كل احتلال وأكدت مقاومة شعب بورسعيد لهذا العدوان أن قناة السويس حق للمصريين.
مجرد ذكرى
* سعاد مرزوق بإدارة مصر القديمة التعليمية تقول: كنا زمان نعرف عيد النصر بالأجازة ولكن بعد حرب أكتوبر تم إلغاء هذه الأجازة وبالتالي أصبحنا لا نتذكر هذا اليوم..وسقط من الذاكرة وصار مجرد ذكري مدونة في الأجندة فقط ضمن الأعياد والمواسم والمناسبات التاريخية..ولم يعد الشباب يعرف عنها شيئا.
* هاني عبد الحفيظ طبيب يقول: إن الأجيال لم تعرف عن "عيد النصر" شيئا فقط بل أيضا نفس الشيء في الأعياد التاريخية الأخرى التي أصبحت في طي النسيان.. وهذا يرجع إلي تزييف التاريخ وأحداثه.
* أوضح أن شباب اليوم لا يعي جيدا التجسيد الحي الذي حدث علي أرض الواقع من صمود وكفاح ومقاومة شعب بورسعيد في 23 ديسمبر عام 1956 حتي يدرك هذه اللحظات..ولأنه لم يشاهد ذلك..واكتفي الآباء والأجداد علي روايتها فقط كحكايات للسمر أو في أوقات السهر دون الاهتمام بدراسة هذا التاريخ في المراحل التعليمية والتعمق في أصوله الحافل بالانتصارات أدي إلي تجاهل وبعد الشباب عنه بل تناساه وبالتالي من الصعب إذا سألته عنه يجيب.
* قال: ليت الشباب يعود يوما لنتذكر العدوان الثلاثي ومقاومة وبسالة شعب بورسعيد وما حققوه من نصر.
* محمد أحمد الأقصر .. علي ما أظن أن عيد النصر هو حرب 1973 ولكن قد يكون تحرير سيناء لأن جنودنا انتصروا فيه وحرروا أرض سيناء من أيدي الاحتلال والحرب.
* أحمد عبد العال طالب بكلية تربية جامعة الأزهر : إن عيد النصر هو الانتصار علي أي عدو أو أي احتلال ضد البلد.. وهذا العيد هو حرب أكتوبر المجيد وأطلق عليه عيد النصر لأنه انتصار للشعب المصري وهو احتفال للجميع.
* سمير عبد العليم موظف بوزارة الخارجية : انه عيد 23 ديسمبر من كل عام والذي يذكرنا دائما بالمقاومة الشعبية علي أرض بورسعيد ضد العدوان والاحتلال الغاشم وتحالف القوي يحسب للصمود المصري أمام قوي الاستعمار.
* محمد سعيد طالب بمعهد سياحة وفنادق بالإسكندرية : لم أسمع أن هناك عيدا يسمي عيد النصر لأنه غير مقرر في المناهج الدراسية ولم يسبق لنا دراسته في مراحل التعليم ولكنني أعرف عيد شم النسيم والكريسماس والأعياد الإسلامية فقط.. وعلي ما أعتقد قد يكون عيد الثورة.!!
* عبد المعين محمود بالمعاش : عيد النصر هو الانتصار العظيم في 1973 والذي كان فرحة لكل المصريين بعد فترة كبيرة عاشوها في الحروب بدءا من سنة 56 وحتى 1973 وفيها عرف الشعب أن القوة عايزة سلاح وبسببه عرفنا كل شيء من التقدم و التطوير في السلاح مع الدول لأن أهم حاجة في الدولة الجيش.
* عمرو سعيد طالب بهندسة الطيران : أعرف التاريخ جيدا وهو 23 ديسمبر عام 1956 ولكن لا أعلم عنه شيئا لأنه غير مشهور مثل حرب أكتوبر والانتصارات الأخرى المعروفة.
* عمرو عاصم طالب بهندسة الطيران انعدام التوعية الإعلامية وعدم الاهتمام أدي إلي أننا لا نعرف شيئا عن عيد النصر ولكن التاريخ فقط.. بالإضافة إلي أن الإعلام يركز علي انتصارات أكتوبر دون التركيز علي إظهار مثل هذه المناسبات التي لا نعلم عنها حتي ندرك ما لها من أهمية تاريخية.
* محمد حسام طالب بالتربية الرياضية جامعة حلوان : نعرف عيد الأضحى والفطر وشم النسيم والقيامة المجيد ولم نسمع عن عيد النصر وإذا ما لم يتم توعيتنا به الآن فكيف نستطيع إخبار أولادنا به في الكبر فإن "فاقد الشيء لا يعطيه"..ولم نجد أمامنا الفرصة للثقافة حول التاريخ والانتصارات.
* هلال فاروق هلال مندوب مبيعات بشركة توريدات لا أعلم عنه سوي انه يتعلق بحاجة خاصة بمحافظة بورسعيد.. ولا يوجد أمامنا وقت للحصول علي معلومات حول هذه الأعياد نظرا لظروف الحياة الصعبة و السعي وراء لقمة العيش.
غياب الوعي
* أكدت د.إنشاد عز الدين أستاذ الاجتماع جامعة المنوفية أن غياب الوعي لدي الشباب مشكلة اجتماعية خطيرة تحتاج إلي وقفة خاصة إذا كانت تتعلق بتاريخ بلاده بالإضافة إلي أن تزييف التاريخ وتعمد بعض المؤرخين والكتاب تقديم التاريخ بهذه الصورة أثر تأثيرا مباشرا علي الشباب وعدم الانتماء الوطني.
قالت: إن الشباب اليوم ضحية لتشويس الأفكار والرؤى فيما يتعلق بمناسبات مصر التاريخية عبر العصور لأنهم لم يعيشوا هذا التاريخ حتي يستشعروا قوة وتضحية وبراعة وشجاعة رجاله.
أضافت: إن إحياء تلك المناسبات يتطلب التركيز علي تاريخ مصر وتدريسه في مراحل التعليم الأساسي لأن التركيز علي تاريخ البلد يدعم الشعور بالانتماء والمجد والفخر لدي هؤلاء الشباب إلي وطنهم وهذه أهم الاحتياجات داخل الشخصية التي تدفعها للبحث في كتب التاريخ ويتوارثها أجيال وراء أجيال.. وهنا نستطيع إحياء تلك الذكريات الخالدة وننميها داخل الوجدان بصورة حقيقية دون عناء أو تشويش.
أوضحت د.إنشاد أن الواقع الحالي يختلف تماما عن الماضي حيث سيطرت الفضائيات في بث التاريخ بغير صورته الحقيقية مما زرع داخل العقل الإدراكي لدي الشباب نوعا من عدم التوأمة فيما يدركه العقل وما يحصله من معلومات سواء كان ذلك من الفضائيات أو الإعلام المرئي أو المسموع المشوش.. الأمر الذي أدي إلي وجود تصادم معرفي نتج عنه عدم إقبال الشباب علي معرفة هذه الأمور بل يحاول تجنبها وهنا يظهر جهله بها تماما وكأنه لم يسمع عنها من قبل رغم أنها قد تكون مناسبات تاريخية فرضت نفسها بقوة مثل أعياد النصر وتحرير سيناء والجلاء والقوات المسلحة ووفاء النيل والثورة وعيد العمال ويوم المحارب ويوم الوحدة والفلاح المصري وتأميم قناة السويس وغيرها من الذكريات والمناسبات التاريخية التي أصبح الكثيرون بل الغالب من المواطنين بمختلف أعمارهم لا يعرف عنها شيئا إلا من خلال الإعلان عن أنها أجازة رسمية فقط.
قالت: أتحدي لو سألنا كثيرا من الناس خاصة الشباب بمن فيهم طلاب الجامعات عن التاريخ العربي أو السنة الهجرية ونجد لديهم إجابة واقعية أو أكيدة عن ذلك؟!!.. فما بال هؤلاء إذا ما طرحت عليهم سؤالا يتضمن ماذا يعرف عن عيد من الأعياد أو ذكري تاريخية من الذكريات؟!
المشاركة في الاحتفالات
تؤكد الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن جهل الشباب بالمناسبات التاريخية خاصة فيما كان يتعلق بتاريخ البلاد وانتصاراتها إنما يرجع إلي عدم مشاركة الشباب في الاحتفالات بهذه المناسبات وجعلها تمر مرور الكرام في وقتها من خلال وسائل الإعلام دون تقديم تفصيل أو توضيح واف عن مدي تاريخية هذه المناسبة في صورة نبذة شارحة عنها وعن وقت حدوثها والأشخاص من الذين شاركوا فيها حتي يتعرف الشباب ويعي مدي ما قدمه الأبطال من تضحيات من أجل الحفاظ علي الوطن وحماية ترابه من الاحتلال.
قالت: إن أسلوب تقديم المعلومة أمام شباب اليوم يعتمد بصورة كلية علي أسلوب التلقين فقط مما يؤدي إلي تبلد الوجدان وعدم لجوء الشباب إلي تحريك مشاعره تجاه المعلومة وتكليف خاطره بتذوقه أحاسيس النصر التي عاشها وحس بها الأبطال السابقون الذين آثروا علي أنفسهم ليوصلوا لنا التاريخ محملا بذكريات خالدة ومعان عميقة ترسخت في وجداننا ونعيش معها كأنها وليدة اللحظة كلما احتفلنا بها.
أضافت د.عزة أن الأمر يتطلب إعداد الشباب إعداداً سليما منذ النشأة من خلال تعريفه بتاريخ بلده حتي ينمو ويكبر ومعه ينمو العقل بهذا التاريخ وأحداثه.. فضلا عن أن حالة عدم التجديد الاجتماعي قد تؤثر بشكل كبير إلي عدم إقبال الشباب إلي البحث والتنقيب عن التاريخ وإحياء مناسباته بالشكل اللائق.. مؤكدة أن شباب اليوم مستهدف بالمخدرات وتغييب الوعي لديه بواسطة أيد خفية وأهداف غير واضحة تحتاج إلي جهاد أكبر ومحاربة قوية ووقوف المجتمع جنبا إلي جنب.
يقول الدكتور محمد عفيفي أستاذ كلية الآداب جامعة القاهرة: ألغينا أعياداً مثل الجهاد والاستقلال وثورة 1919 والمشكلة تكمن في أن المناسبات والأعياد التاريخية في حياة الأمم لم تتغير إلا في مصر فإن الأعياد في تغير كل يوم وهذا أحدث أزمة في مفهوم العيد القومي ومفهوم الهوية عند الشباب.. الأمر الذي يتطلب فيه ألا تكون الأعياد القومية لها علاقة بالأنظمة السياسية وأن تكون أعياداً خاصة بحركة الشعب نفسه وأفراحه وانتصاراته حتي نستطيع إحياء هذه المناسبات وتلك الذكريات التاريخية المتعاقبة.. وإلا كل فترة سوف يأتي نظام آخر يلغي الانتصارات السابقة كأن يلغي حرب أكتوبر مثلا أو غيرها.