جنـــــــــــــاية الجنسية الجزائرية

في تاسع الليالي الرمضانية و أنا جالس أكتب الترّهات ففنجان القهوة المعطّر جعل جفوني تأبى اللقاء نظرت إلى الأعلى فرأيت

الظلام ثم كأنني رأيت أحد زملاء الدراسة السابقين وشلّة من بات تلك الأيام، أيام التسكّع الجامعي،

جلست معهم فإذا بإحداهم تهزني وتقول: "مختار مختار" فقلت: "ماذا؟" فقالت: "نوض تتسحّر"

إنّها (أم مختار) توقظني للسحور كلّفت جهاز هضمي بالقليل من المهام وقمت أتمشى قليلا سعياً منّي لتسهيل مهامه،

وبينما أنا أتمشى حتى جاءني رفيقي وقال: "مختار أرواح نروحوا لوحد البلاصة راني مستحقك."

فرافقته إلى ذلك المكان، لقد كان يشبه قاعة الجلسات في محكمة ما أعرفها...

وكأنما القضية قضية رأي عام قياسا بالكمّ الهائل من الحضور

رميت ببصري هناك... في الأمام ..فرأيت فوجا من البشر لا يبدون أبدا أنهم قضاة

ولا أولئك الواقفون أمامهم لم يكن أبداً هندامهم هندام محاماه...من هم إذن؟ أين المتهم؟

لم ألبث حتى سمعت الصراخ...لقد كان صادرا عن إحدى البشر، تبدو كأنها محامي الإدعاء.

كانت تنادي على الأسماء فسمعت إسمي... لقد كنت شاهداً في قضية أجهلها.

ثم جلسة وجلستان، والكثير من الجلسات وأنا أنظر إلى صديقي وأسأل: "من المتهم؟" فقال: "إنّه أنا... ولكن إنتظر".

لبثنا الكثير حتى سمعت إسم صاحبي فقال: "حاضر"

فقالت محامية الإدعاء: "من أنت وما إسمك؟" فأجاب عن كلّ ذلك،

ثم عاودت السؤال: "ماإسم أبيك؟وجدّك؟ وأمّك كذلك؟" فأجاب عن كلّ ذلك، فأردفت:"ولكن كنيتك وكنية أبيك لا تتطابقان."

فتدخل هنا محامي الدفاع وقال:" إنها كنيةٌ أرادها له أحد الرعاع، كان يرعى الغنم فأصبح يرعى سجلات الحالة المدنية"

فقالت القاضية: "إستدع شاهدك" فوجّه كاتب المحكمة إصبعه صوبي،

إنّه يستهدفني فقلت:" أشهد أنّ من شوّه كنية صاحبي راعٍ وكلّ راعِ مسؤول عن إعوجاج رعيته"

وعندئذ طُرقت المطرقة وقالت القاضية:" حكمت المحكمة حضوريا غيابيا على المتهم "فلان ابن فلون المكنّى بفلتان" بالجنسية

الجزائرية مع المعاناة طوال حياته في إستخراج هذه الوثيقة. رُفعت الفوضى".

حين سمعت ذلك أدركت أنني لا أحلم ولكن صديقي قد إصطحبني فعلاً في يوم رمضاني إلى دار المحكمة في سبيل

إستخراج شهادة الجنسيةفعجبت لرؤيتي إيّاه يستخرجها من قاعة صُممت لتكون قاعةً للجلسات

وأكثر ما أثار الهرمون المسؤول عن "القهقهة" لدي هو كون صديقي إحتاج للجنسية بغية تكوين ملف إداري، والملف الإداري

يتكون من شهادة ميلاد وبطاقة التعريف والجنسية والجنسية في حد ذاتها تستخرج في بلادنا بشهادة الميلاد وبطاقة التعريف

هي الأخرى تُستخرج بالجنسية وكذا شهادة الميلاد،

لما إذن كل هذا التكرار ولماذا الأسلوب الركيك في تكوين الملفات الإدارية؟ لم أستطع إلى حد الآن تفسير تلك الحميمية

الموجودة بين إداراتنا والورق.