[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الكرموس ، الكرطوس ، الحرة ، الهندي ، الهندية ، كرموس النصارى والزعبول ، كلها أسماء تدل على فاكهة التين الشوكي . أفضل أنواعها ما نما في الصخور
والأحراش . الحبات القصيرة الممتلئة قليلة البذور واسعة السرة ذهبية القشرة ، والطويلة الملساء المكتنزة الزرقاء بلون الدم المخثر أو الصفراء المشوبة بحمرة مثل
وجه عذراء خجلى. برغم أنف كل الفواكه ، أصبحت منتوجا سياحيا بدون منازع ، يجوب بها الباعة شوارع مدننا منذ الصباح ، طاردين بصراخهم نوم الضحى من
عيوننا ، وعلى جوانب الطرق الوطنية في دلاء الزيت يلوحون بها إلينا ، وعند مدخل كل قرية وعلى أرصفة المساجد يعترضون مرورنا ، فنضطر لاقتنائها عنوة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فاكهة تنمو بلا حول ولا قوة من البشر ، جعلها الله غذاء في الصيف للقانع والمضطر وابن السبيل ، والباحث عن حنين الوطن من المهاجرين والحراقة الذين
يعودون صيفا بالسيارات الفخمة والروميات على يمينهم متشوقين إلى كل ما يعبق برائحة البلاد ، يأكلون حبتين يصابون بإمساك ويسارعون عن بكرة أمهاتهم إلى
مصالح الاستعجالات ليغسلوا أمعاءهم . أين هم من عمي لخضر، كان يأكل على الريق خٌرْجا من الهندية وكسرة الشعير، بحجم عجلة ميشلان، تفوح منها رائحة
المطمورة ، حتى يفقد نعليه في القشور ، وعندما يتوارى خلف جدار الدار يفرغ أمعاءه تاركا وراءه إهرامات الجيزة ، خوفو وخفرع ومنقرع ، وبقربها الأتباع لو
رأيت ثمة لخلت أن كينغ كونغ أو السيكلوب تغوط هناك.
كلما حل الصيف نقدمها لأهلنا العائدين من الغربة، فتطفر من عيونهم الدهشة، وتعلو وجوههم أمارات المفاجأة ويصرخون : " oh !! des figues de
barbarie " . فالحمد لله الذي حبا بلادنا بهذه الفاكهة اللذيذة السليمة من الدعم الفلاحي ، التي تُحمِّرُ وجوهنا أمام زوارنا الأفاضل .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يا أهلا ومرحبا . الأمر الذي
جعلها تنفش شوكها وتمد رأسها عاليا من طاولات الباعة مزاحمة الفواكه الموسمية ، البطيخ والعنب والدلاع والموز بأنواعه القادم من بلاد بعيدة ، العذرية والفافوريتا
وحتى تشيكيطة ، وبحساب ذهني خاطف ، لما ينفق على شجرة تفاح حتى تبلغ وتعطي أكلها من أموال الدعم الفلاحي والسقي وتقليب الأرض ورش بالمبيدات طيلة
خمس سنوات أو أكثر ، أو تكلفة الموز الذي يستورد بالعملة الصعبة من جمهوريات الانقلابات ، وتظل الباخرة شهورا طويلة تمخر الأمواج وتصارع الأعاصير
لتصل إلى الميناء ناضجة بما يلزم خروجها من رسوم جمركية وضرائب مباشرة وغير مباشرة ومن إتاوات ورشاوي فإن خمسين دينارا للكيلوغرام الواحد من الهندية
، التي تنمو بفضل من الله وعونه ، لم تعد فاكهة الفقراء بل الملوك !
مهما كانت مدرعة بالأشواك من كل جانب ، وتجنى من حقولها بالجبال وحول دوار الطوب بحي بني واسكت ، في الغبش بملاقط طويلة من القصب ، وبرودة
الأصباح الباكرة، قبل تطاير أشواكها التي تعمي العيون، يبقى سبب غلائها غير مقنع . إنه أمر محير ومدهش ومتنافر كل التنافر، وهذا ليس من الحسد في شيء ،
الله يبارك ويزيد . فلما لا ؟ فموجة ارتفاع الأسعار العاتية مبررة دائما "بالقزمة " العالمية. حتى وإن كانت قيمتها الغذائية جيدة ومنافعها الصحية عديدة ؛ مضادة
للإسهال ومنظف معوي جيد ومقوية للباه وينصح بها لنحافة الأبدان وتصنع منها خلطات لأقنعة الجمال وشراب التيكيلا في بلاد الأزتيك ، ومع ذلك فهو شيء مخزي
ومذهل ، ومفارقة شارخة أن تقف حائرا مترددا بين خيارين أحلاهما مشوك . الهندي أم الموز ؟
وأخيرا أعطيك نصيحة : " إن تُكثر منها تُحْصَرْ " ، خصوصا الأطفال الصغار . في زمن عمي لخضر كان يستعمل لفك الحصار ، ديك مدرب ينقر السدادة القاسية
بفتحة الشرج أو مغزل دقيق ثم ينهمر الخزان ، أما اليوم فأكياس الفورلاكس والغليسرين والحقن الشرجية والزيوت الملينة ، أقول لك إن شئت ، لو عندك النية،
محلول السنا من عند العطار كفيل بفري القضية.
ويستحسن أن تؤكل مثل الفاكهة أي بعد الأكل ، وهذا خاص بأصحاب المواسير الضيقة . أما إن أردت أن تصيبك في مقتل ، فخذها باردة مع خبز المطلوع صباحا،
ولا عزاء لأصحاب السكري والضغط الشرياني والبواسير. ومن أقوال عمي لخضر أن من واضب على أكلها أيام الصمايم(1) ، أسبوعا كاملا على الريق ، فإنها
تشرح البال، وتصلح الحال ، وتجلب ابن الحلال ، وترد الغائب من وراء سبعة بحار ، وتجبر الخاطر ، وتوفر منصب العمل ، وتوسع في المسكن ، وتؤمن من
خوف ، وترد العين ، وتقي من شر حاسد ولم يحدد عدد الحبات ، أقول هذا والله أعلم
تحيات
Game Start تحيات
Version L91A