فاتقوا الله تعالى وراقبوه، وأطيعوا أمره ولا تعصوه.
أيها الناس، وتتوالى السنون، وتمر الأعوام، وتطوى الأيام، إِلى وقت قريب، عندما كان الفتى ينشأ في قرية صغيرة، وفي مجتمع مغلق، يتلقى التربية من والديه، فالأب هو القدوة والقائد، والموجه والرائد، الحسن ما استحسن، والقبيح ما استقبح، فنشأ جيل الرجولة والشهامة، جيل تحمل المسؤولية منذ نعومة الأظفار، إلى أن جاء عصرنا هذا، عصر ثورة المعلومات، عصر الانفتاح على الثقافات الخارجية بقضها وقضيضها، بغثها وسمينها، بحسنها وقبيحها، فأخذ الفتى يتلقى التربية من عدة مصادر، الإعلام رائدها، وهو أبوها وأمها، وغير خاف عليك ما لأعداء الملة من سيطرة على الإعلام، وبدأ اليوم يؤتي ثماره، التي سقيت بماء الحقد والكراهية للإسلام وأهله، فنشأ عندنا جيل المقاهي الليلية، والشابات العنكبوتية، والقنوات الفضائية، والمعاكسات الهاتفية، جيل التفحيط والسرقة، جيل التخنث والميوعة، جيل الخضوع في الكلام، جيل التكسر في المشية، جيل القصات الغربية، والرقصات الهستيرية، جيل الغناء والطرب، جيل الأفلام والجريمة، جيل القيعات والبدلات، جيل الأندية والتشجيع، جيل التفريط والتضييع، جيل الخروج على القيم، جيل تضييع الأخلاق، جيل تقليد الأعداء، والسخرية من الأصدقاء، استبدلوا القرآن بالغناء، والمساجد بالمقاهي، والسواك بالسيجارة، جيل ابتلاه الله بأب غافل، بجمع ماله متشاغل، وعن متابعة ولده متكاسل، وفر له الدراهم والسيارة، وفر له شاشة عاهرة، ومجلة داعرة، لا يأمره بصلاة، ولا ينهاه عن هواه، لا يأمره بمعروف، ولا ينهاه عن منكر، لا يدري إلى أين ذهب، ولا مع من ركب، وإذا نصحه ناصح، أو أغلظ عليه محب، نفض يديه في وجهه وقال: وماذا أفعل؟ وهذا ولد فلان، وذاك ولد فلان، كلهم على هذا الطريق، وهؤلاء شباب هذا الزمان، حتى يستدعى في مركز هيئة، أو في مخفر شرطة، عندها يفاجأ بما جنته يداه، ويحصد ثمرة تفريطه ولا ينفعه بكاه، ثم بعد ذلك يشكو عقوقه، ويبحث عن الصالحين لإصلاحه آلآن وقد أعرضت فيما سبق، آلآن وقد فرطت فيما مضى، حلقات تحفيظ القرآن في المساجد تفتح ذراعيها، وأنت عنها معرض، دروس العلم تشرح صدرها، وأنت عنها تصد، وتزعم أن في ذلك تشييع لدروسه، وتأثير على مستواه، أما الملاعب والملاهي، والمقاهي والسهرات فهي من الضروريات، ولا بد للمراهق من المجاراة.
يا مسلمون يا مسلمون، الشباب أمانة في الأعناق، يا معشر الآباء خذوا على أيدي السفهاء، وأطروهم على الحق أطرا، يا من انبرى للتربية والتعليم، اتق الله في من تحت يدك من أبناء المسلمين، عليك بجادة السلف الصالح، عظم في نفوسهم الكتاب والسنة، ازرع في قلوبهم القدوة الصالحة من النبيين والصحابة والتابعين، والعلماء الربانيين، والأئمة المهديين، عليك بغرس جميل القيم، وقيم الأخلاق، نسأل الله للجميع صلاح النية والذرية، وحسن القصد، وسلامة المنهج.
</SPAN></SPAN>