فيسورة النحل يعدِّد الله نعمه على عباده، ومن ضمن هذه النعم الكثيرة أنالله ]جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا[، فهل يُعقل أن يكونالمقصود أن الله خلق لنا من أجسامنا نساءنا؟ أم أن المقصود أن الله جعللنا أزواجا من جِنْسِنا نفسه؟
ومثل هذه الآية ]وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًالِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّفِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[. وكذلك قوله تعالى ]فَاطِرُالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا[..
ففي هذهالآيات كلها يتبين أن الله تعالى قد خلق أو جعل لنا من أنفسنا أزواجنا،وهذا لا يعني أن الله خلق زوجاتنا من ضلوعنا، بل إنه أوجد لنا زوجات مننفس جنسنا ومن نفس طبيعتنا، بل إنه تعالى جعل الأنعام أزواجا أزواجا، ذكراوأنثى، ولم يخلق البقرة من ضلع الثور مثلا.
هذا واضح، ولكن حين يأتي المفسرون إلى الآية الأولى من سورة النساء يتغير الموضوع!!
يقول اللهتعالى ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاء[..
فالله خلقنامن نفس واحدة وخلق زوجها من نفس جنسها وليس من جنس آخر. إذن، "لا يعنيقوله تعالى ]وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا[ أن المرأة قد خُلقت من جسمالرجل، وإنما يعني أن المرأة تنتمي إلى نفس الجنس البشري، تماما كالرجل،حيث إنها تتمتع بنفس الطبيعة البشرية ولها نفس المقوّمات الإنسانية".
ما معنى ]أَوْحَيْنَآ إِلى رَجُلٍ مِّنْهُمْ[؟ يعني من جنسهم ومن نوعهم ومن طبيعتهم.
"إن القرآنالمجيد لا يؤيد البتة الرأي الذي يزعم أن حوّاء قد خُلقت من ضلع آدم، إذيقول تعالى ]وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا[، ويقول أيضا ]وَمِن كُلِّ شَيْءٍخَلَقْنَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ[. فكما أن الله تعالى خلق زوجا لكل شيءحيّ، كذلك فقد خلق زوجا لآدم، إذ لم يكن الله تعالى ليحيد عن سُنّته هذهويستثني آدم منها ليخلق زوجا له من جسمه".
أما الحديثالقائل إن النساء خلقن من ضلع أعوج، فلا بد من قراءته في سياقه:"اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍوَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَتُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَفَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ"
والسياق واضحفي أنه حثّ على مراعاة مشاعر المرأة، فخلقُها من ضلع أعوج يرمز إلىحساسيتها المفرطة، فالضلع الأعوج ينكسر إن حاولتَ تصحيحه بالقوة، وهكذاالمرأة، فلا بد أن تعاملها بلطف في كل حال. فالخلق هنا خلق معنوي لا مادي،كما في قوله تعالى ]خُلِقَ الإنسانُ مِن عَجَل[.. وليس هناك مادة اسمهاالعجل، بل تتحدث الآية عن طباعه.
ثم إن هذاالحديث لا يذكر اسم حواء قط، وإنما يشمل النساء جميعا، ولا خلاف في أنالنساء اللاتي نراهن لم يخلقن من أضلاع الرجال، بل وَلَدَتْهُنَّأمهاتُهُنّ.